المتحف المصري الكبير.. شاهد جديد على عبقرية الإدارة المصرية عبر العصور

مع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير، تتجدد ملامح الفخر في وجدان كل مصري، فليس الحديث هنا عن صرح أثري فحسب، بل عن رمز لإرادة دولة تُعيد قراءة تاريخها بأدوات العصر لتصوغ مستقبلًا يليق بحضارة رائدة في التنظيم والعمارة والإدارة منذ آلاف السنين.

لقد أدرك المصري القديم أن بناء الحضارة لا يقوم على الفنون والعلوم وحدها، بل على إدارة واعية تنظم العمل وتوزع الأدوار وتتابع الأداء، وهو ما تجسده معروضات ووثائق المتحف المصري الكبير التي توثق أجهزة الإشراف والسجلات والتقارير المنقوشة على جدران المقابر والمعابد.

وتؤكد الاكتشافات الأثرية أن مقابر المسؤولين والكتبة والمشرفين على أعمال الدولة حفظت تفاصيل دقيقة حول تقسيمات العمل، وحساب الأجور، ومعدلات الإنجاز، ما يعكس عقلية إدارية منظمة وراء نجاحات مصر المعمارية القديمة.

ويعزز افتتاح المتحف المصري الكبير مكانة مصر العالمية كدولة صاحبة ذاكرة حضارية حية قادرة على تحويل تراثها إلى قوة ناعمة ومورد تعليمي وثقافي، كما يعكس رؤية الدولة الحديثة التي تضع الإصلاح الإداري في مقدمة أولوياتها عبر بناء كفاءات حكومية وتطوير الأداء المؤسسي.

وفي هذا الإطار، يواصل الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة دوره في تحديث هيكل الجهاز الإداري للدولة ورفع كفاءة العنصر البشري وتطبيق نظم تدريب واختبار قائمة على الجدارة، لضمان جودة الخدمات العامة واستدامة التطوير.

إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد وجهة سياحية، بل مدرسة مفتوحة لتعلم فنون الإدارة وبناء الدولة منذ فجر التاريخ، ورسالة تؤكد أن الحضارة المصرية كانت — وما زالت — حضارة عقل وإدارة وإنجاز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأقسام